كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: في ظلال القرآن (نسخة منقحة)



قال ابن كثير في التفسير: قال قائلون من السلف والخلف: إن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد- كما تقدم في حديث أبي هريرة وعياض بن حمار المجاشعي ومن رواية الحسن البصري عن الأسود ابن سريع- وقد فسر الحسن الآية بذلك. قالوا: ولهذا قال: {وإذ أخذ ربك من بني آدم} ولم يقل: من آدم.. {من ظهورهم}.. ولم يقل من ظهره.. {ذرياتهم} أي جعل نسلهم جيلاً بعد جيل، وقرناً بعد قرن، كقوله تعالى: {وهو الذي جعلكم خلفاء الأرض} وقال: {ويجعلكم خلفاء الأرض} وقال: {كما أنشأكم من ذرية قوم آخرين} ثم قال: {وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى} أي أوجدهم شاهدين بذلك قائلين له.. حالاً.. وقالوا: والشهادة تارة تكون بالقول كقوله: {قالوا شهدنا على أنفسنا وغرتهم الحياة الدنيا وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كافرين} وتارة تكون حالاً كقوله تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر} أي حالهم شاهد عليهم بذلك، لا أنهم قائلون ذلك.. وكذلك قوله تعالى: {وإنه على ذلك لشهيد} كما أن السؤال تارة يكون بالمقال وتارة يكون بالحال. كقوله: {وآتاكم من كل ما سألتموه} قالوا: ومما يدل على أن المراد بهذا هذا أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك. فلو كان قد وقع هذا، كما قال من قال، لكان كل أحد يذكره ليكون حجة عليه. فإن قيل: إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم به كاف في وجوده، فالجواب: أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جاءتهم به الرسل من هذا وغيره. وهذا جعل حجة عليهم، فدل على أنه الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد. ولهذا قال: {أن تقولوا}.. أي لئلا تقولوا {يوم القيامة إنا كنا عن هذا}. أي التوحيد.. {غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا}... الآية).
أما الأحاديث التي أشار إليها في أول هذه الفقرة فهي:
في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: «كل مولود يولد على الفطرة- وفي رواية. على هذه الملة- فأَبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تولد بهيمة جمعاء، هل تحسون فيها من جدعاء؟».
وفي صحيح مسلم عن عياض بن حمار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله إني خلقت عبادي حنفاء، فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم».
وقال الإمام أبو جعفر بن جرير- رحمه الله- حدثنا يونس بن عبد الأعلى، حدثنا ابن وهب، أخبرني السري بن يحيى، أن الحسن بن أبي الحسن حدثهم عن الأسود بن سريع من بني سعد قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد عليه، ثم قال: «ما بال أقوام يتناولون الذرية؟» فقال رجل: يا رسول الله. أليسوا أبناء المشركين؟ فقال: «إن خياركم أبناء المشركين! ألا إنها ليست نسمة تولد إلا ولدت على الفطرة. فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها، فأبواها يهودانها وينصرانها». قال الحسن: لقد قال في كتابه: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم}... الآية.
ونحن لا نستبعد أن يكون قول الله تعالى: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم...} الآيات على وجهه لا على سبيل الحال. لأنه في تصورنا يقع كما أخبر عنه الله سبحانه. وليس هناك ما يمنع أن يقع حين يشاؤه.. ولكنا كذلك لا نستبعد هذا التأويل الذي اختاره ابن كثير، وذكره الحسن البصري واستشهد له بالآية.. والله أعلم أي ذلك كان..
وفي أي من الحالين يخلص لنا أن هناك عهداً من الله على فطرة البشر أن توحده. وأن حقيقة التوحيد مركوزة في هذه الفطرة؛ يخرج بها كل مولود إلى الوجود؛ فلا يميل عنها إلا أن يفسد فطرته عامل خارجي عنها! عامل يستغل الاستعداد البشري للهدى وللضلال. وهو استعداد كذلك كامن تخرجه إلى حيز الوجود ملابسات وظروف.
إن حقيقة التوحيد ليست مركوزة في فطرة الإنسان وحده؛ ولكنها كذلك مركوزة في فطرة هذا الوجود من حوله- وما الفطرة البشرية إلا قطاع من فطرة الوجود كله. موصولة به غير منقطعة عنه، محكومة بذات الناموس الذي يحكمه- بينما هي تتلقى كذلك أصداءه وإيقاعاته المعبرة عن تأثره واعترافه بتلك الحقيقة الكونية الكبيرة..
إن ناموس التوحيد الذي يحكم هذا الوجود، واضح الأثر في شكل الكون، وتنسيقه، وتناسق أجزائه، وانتظام حركته، واطراد قوانينه، وتصرفه المطرد وفق هذه القوانين.. وأخيراً- حسب العلم القليل الذي وصل إليه البشر- وحدة الجوهر الذي تتألف منه ذراته، وهو الإشعاع الذي تنتهي إليه المواد جميعاً عند تحطيم ذراتها وإطلاق شحناتها..
ويوماً بعد يوم يكشف البشر أطرافاً من ناموس الوحدة في طبيعة هذا الكون، وطبيعة قوانينه التي تحكم تصرفاته- في غير آلية حتمية ولكن بقدر من الله مطرد متجدد وفق مشيئة الله الطليقة- ولكننا نحن لا نعتمد على هذا الذي يكشفه علم البشر الظني- الذي لا يمكن أن يكون يقينياً بحكم وسائله البشرية- في تقرير هذا الناموس. إنما نحن نستأنس به مجرد استئناس. واعتمادنا الأول في تقرير أية حقيقة كونية مطلقة، على ما قرره لنا الخالق العليم بما خلق. والقرآن الكريم لا يدع مجالاً للشك في أن الناموس الذي يحكم هذا الكون هو ناموس الوحدة، الذي أنشأته المشيئة الواحدة للخالق الواحد سبحانه.
كما أنه لا يدع مجالاً للشك في عبودية هذا الكون لربه، واعترافه بوحدانيته، وعبادته له بالكيفية التي يعلمها الله ولا نعرف عنها إلا ما يخبرنا به؛ وما نراه من آثارها في انتظامه ودأبه واطراده.
هذا الناموس الذي يصرف الكون كله- بقدر الله المطرد المتجدد وفق مشيئة الله الطليقة- سارٍ كذلك في كيان الإنسان- بوصفه من كائنات هذا الكون- مستقر في فطرته، لا يحتاج إلى وعي عقلي للإحساس به؛ فهو مدرك بالفطرة، مستقر في صميمها، تستشعره بذاتها، وتتصرف وفقه، ما لم يطرأ عليها الخلل والفساد، فتنحرف عن إدراكها الذاتي له، وتدع للأهواء العارضة أن تسيرها، بدلاً من أن تسير وفق قانونها الداخلي القويم.
هذا الناموس- بذاته- هو ميثاق معقود بين الفطرة وخالقها. ميثاق مودع في كيانها، مودع في كل خلية حية منذ نشأتها. وهو ميثاق أقدم من الرسل والرسالات. وفيه تشهد كل خلية بربوبية الله الواحد، ذي المشيئة الواحدة، المنشئة للناموس الواحد الذي يحكمها ويصرفها. فلا سبيل إلى الاحتجاج بعد ميثاق الفطرة وشهادتها- سواء أكان بلسان الحال هذا أم بلسان المقال كما في بعض الآثار- لا سبيل إلى أن يقول أحد: إنه غفل عن كتاب الله الهادي إلى التوحيد. وعن رسالات الله التي دعت إلى هذا التوحيد. أو يقول: إنني خرجت إلى هذا الوجود، فوجدت آبائي قد أشركوا فلم يكن أمامي سبيل لمعرفة التوحيد. إنما ضل آبائي فضللت فهم المسؤولون وحدهم ولست بالمسؤول! ومن ثم جاء هذا التعقيب على تلك الشهادة:
{أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون}.
ولكن الله- سبحانه- رحمة منه بعباده،- لما يعلمه من أن في استعدادهم أن يضلوا إذا أُضلوا، وأن فطرتهم هذه تتعرض لعوامل الانحراف- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بفعل شياطين الجن والإنس؛ الذين يعتمدون على ما في التكوين البشري من نقط الضعف!..
رحمة من الله بعباده قدر ألا يحاسبهم على عهد الفطرة هذا؛ كما أنه لا يحاسبهم على ما أعطاهم من عقل يميزون به؛ حتى يرسل إليهم الرسل، ويفصل لهم الآيات، لاستنقاذ فطرتهم من الركام والتعطل والانحراف، واستنقاذ عقلهم من ضغط الهوى والضعف والشهوات. ولو كان الله يعلم أن الفطر والعقول تكفي وحدها للهدى دون رسل ولا رسالات؛ ودون تذكير وتفصيل للآيات لأخذ الله عباده بها. ولكنه رحمهم بعلمه فجعل الحجة عليهم هي الرسالة:
{وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون}..
يرجعون إلى فطرتهم وعهدها مع الله؛ وإلى ما أودعه الله كينونتهم من قوى البصيرة والإدراك.
فالرجعة إلى هذه المكنونات كفيلة بانتفاض حقيقة التوحيد في القلوب؛ وردها إلى بارئها الوحيد، الذي فطرها على عقيدة التوحيد. ثم رحمها فأرسل إليها بالآيات للتذكير والتحذير.
وكمثل للانحراف عن سواء الفطرة، ونقض لعهد الله المأخوذ عليها، ونكوص عن آيات الله بعد رؤيتها والعلم بها.. ذلك الذي آتاه الله آياته، فكانت في متناول نظره وفكره؛ ولكنه انسلخ منها، وتعرى عنها ولصق بالأرض، واتبع الهوى؛ فلم يستمسك بالميثاق الأول، ولا بالآيات الهادية؛ فاستولى عليه الشيطان؛ وأمسى مطروداً من حمى الله، لا يهدأ ولا يطمئن ولا يسكن إلى قرار..
ولكن البيان القرآني المعجز لا يصوغ المثل هذه الصياغة! إنما يصوره في مشهد حي متحرك، عنيف الحركة، شاخص السمات، بارز الملامح، واضح الانفعالات؛ يحمل كل إيقاعات الحياة الواقعة، إلى جانب إيقاعات العبارة الموحية.
{واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون}..
إنه مشهد من المشاهد العجيبة، الجديدة كل الجدة على ذخيرة هذه اللغة من التصورات والتصويرات..
إنسان يؤتيه الله آياته، ويخلع عليه من فضله، ويكسوه من علمه، ويعطيه الفرصة كاملة للهدى والاتصال والارتفاع.. ولكن ها هو ذا ينسلخ من هذا كله انسلاخاً. ينسلخ كأنما الآيات أديم له متلبس بلحمه؛ فهو ينسلخ منها بعنف وجهد ومشقة، انسلاخ الحي من أديمه اللاصق بكيانه.. أو ليست الكينونة البشرية متلبسة بالإيمان بالله تلبس الجلد بالكيان؟.. ها هو ذا ينسلخ من آيات الله؛ ويتجرد من الغطاء الواقي، والدرع الحامي؛ وينحرف عن الهدى ليتبع الهوى؛ ويهبط من الأفق المشرق فيلتصق بالطين المعتم؛ فيصبح غرضاً للشيطان لا يقيه منه واق، ولا يحميه منه حام؛ فيتبعه ويلزمه ويستحوذ عليه.. ثم إذا نحن أولاء أمام مشهد مفزع بائس نكد.. إذا نحن بهذا المخلوق، لاصقاً بالأرض، ملوثاً بالطين. ثم إذا هو مسخ في هيئة الكلب، يلهث إن طورد ويلهث إن لم يطارد.. كل هذه المشاهد المتحركة تتتابع وتتوالى؛ والخيال شاخص يتبعها في انفعال وانبهار وتأثر.. فإذا انتهى إلى المشهد الأخير منها.. مشهد اللهاث الذي لا ينقطع.. سمع التعليق المرهوب الموحي، على المشهد كله:
{ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون}..
ذلك مثلهم! فلقد كانت آيات الهدى وموحيات الإيمان متلبسة بفطرتهم وكيانهم وبالوجود كله من حولهم. ثم إذا هم ينسلخون منها انسلاخاً. ثم إذا هم أمساخ شائهو الكيان، هابطون عن مكان الإنسان إلى مكان الحيوان.. مكان الكلب الذي يتمرغ في الطين.
وكان لهم من الإيمان جناح يرفون به إلى عليين؛ وكانوا من فطرتهم الأولى في أحسن تقويم، فإذا هم ينحطون منها إلى أسفل سافلين!
{ساء مثلاً القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون}..
وهل أسوأ من هذا المثل مثلاً؟ وهل أسوأ من الانسلاخ والتعري من الهدى؟وهل أسوأ من اللصوق بالأرض واتباع الهوى؟ وهل يظلم إنسان نفسه كما يظلمها من يصنع بها هكذا؟ من يعريها من الغطاء الواقي والدرع الحامي، ويدعها غرضاً للشيطان يلزمها ويركبها، ويهبط بها إلى عالم الحيوان اللاصق بالأرض، الحائر القلق، اللاهث لهاث الكلب أبداً!!!
وهل يبلغ قول قائل في وصف هذه الحالة وتصويرها على هذا النحو العجيب الفريد؛ إلا هذا القرآن العجيب الفريد!!
وبعد.. فهل هو نبأ يتلى؟ أم أنه مثل يضرب في صورة النبأ لأنه يقع كثيراً. فهو من هذا الجانب خبر يروى؟
تذكر بعض الروايات أنه نبأ رجل كان صالحاً في فلسطين- قبل دخول بني إسرائيل- وتروي بالتفصيل الطويل قصة انحرافه وانهياره؛ على نحو لا يأمن الذي تمرس بالإسرائيليات الكثيرة المدسوسة في كتب التفاسير، أن يكون واحدة منها؛ ولا يطمئن على الأقل لكل تفصيلاته التي ورد فيها؛ ثم إن في هذه الروايات من الاختلاف والاضطراب ما يدعو إلى زيادة الحذر.. فقد روي أن الرجل من بني إسرائيل (بلعام بن باعوراء)، وروي أنه كان من أهل فلسطين الجبابرة. وروي أنه كان من العرب (أمية بن الصلت). وروي أنه كان من المعاصرين لبعثه الرسول صلى الله عليه وسلم (أبو عامر الفاسق) وروي أنه كان معاصراً لموسى عليه السلام. وروي أنه كان بعده على عهد يوشع بن نون الذي حارب الجبارين ببني إسرائيل بعد تيه الأربعين سنة على إثر رفض بني إسرائيل الدخول، وقولهم لموسى- عليه السلام- ما حكاه القرآن الكريم: {فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون} كذلك روي في تفسير الآيات التي أعطيها أنه كان (اسم الله العظيم) الذي يدعو به فيجاب؛ كما روي أنه كتاب منزل وأنه كان نبياً.. ثم اختلفت تفصيلات النبأ بعد ذلك اختلافات شتى..
لذلك رأينا- على منهجنا في ظلال القرآن- ألا ندخل في شيء من هذا كله. بما أنه ليس في النص القرآني منه شيء. ولم يرد من المرفوع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه شيء. وأن نأخذ من النبأ ما وراءه. فهو يمثل حال الذين يكذبون بآيات الله بعد أن تبين لهم فيعرفوها ثم لا يستقيموا عليها.. وما أكثر ما يتكرر هذا النبأ في حياة البشر؛ ما أكثر الذين يعطون علم دين الله، ثم لا يهتدون به، إنما يتخذون هذا العلم وسيلة لتحريف الكلم عن مواضعه.
واتباع الهوى به.. هواهم وهوى المتسلطين الذين يملكون لهم- في وهمهم- عرض الحياة الدنيا.
وكم من عالم دين رأيناه يعلم حقيقة دين الله ثم يزيغ عنها. ويعلن غيرها. ويستخدم علمه في التحريفات المقصودة، والفتاوى المطلوبة لسلطان الأرض الزائل! يحاول أن يثبت بها هذا السلطان المعتدي على سلطان الله وحرماته في الأرض جميعاً!
لقد رأينا من هؤلاء من يعلم ويقول: إن التشريع حق من حقوق الله- سبحانه- من ادعاه فقد ادعى الألوهية. ومن ادعى الألوهية فقد كفر. ومن أقر له بهذا الحق وتابعه عليه فقد كفر أيضاً!.. ومع ذلك.. مع علمه بهذه الحقيقة، التي يعلمها من الدين بالضرورة، فإنه يدعو للطواغيت الذين يدّعون حق التشريع، ويدّعون الألوهية بادعاء هذا الحق.. ممن حكم عليهم هو بالكفر! ويسميهم المسلمين! ويسمي ما يزاولونه إسلاماً لإ إسلام بعده!.. ولقد رأينا من هؤلاء من يكتب في تحريم الربا كله عاماً؛ ثم يكتب في حله كذلك عاماً آخر.. ورأينا منهم من يبارك الفجور وإشاعة الفاحشة بين الناس، ويخلع على هذا الوحل رداء الدين وشاراته وعناوينه..